تعرّف إلى إنجلترا من خلال أعمال ديكنز

يعدّ تشارلز ديكنز أحد أعظم الكتّاب في العصر الفيكتوري، ويصادف هذا العام مرور 150 عاماً على وفاته. ولد الكاتب في بورتسموث على الساحل الجنوبي لإنجلترا، وقضى سنواته التأسيسية في تشاتام ولندن، إلى أن حقق نجاحاً باهراً في المجال الأدبي عقب طرح روايته الأولى مذكرات بيكويك. بعدها، أصدر حوالى 15 رواية بالإضافة إلى المئات من القصص القصيرة التي نذكر منها ترنيمة عيد الميلاد وأوليفر تويست والآمال العظيمة، واكتنزت جميعها بالفكاهة والسخرية والملاحظات المميزة حول شخصيات وجوانب في المجتمع الفيكتوري.

يمكنك أن تكتشف بريطانيا مثلما صوّرها ديكنز عبر رواياته في جنوب إنجلترا وعلى الشاشة الكبيرة، إذ تم اقتباس أفلام والبرامج التلفزيونية من العديد من أعماله. تعمّق في أفكار هذا المؤلف المبدع الذي وُضع جثمانه عام 1870 في ركن الشعراء في كنيسة وستمنستر تكريماً لعطاءاته العظيمة في مجال الأدب.

حياة ديفيد كوبرفيلد الشخصية

استقى أرماندو إيانوتشي الشهير إلهامه من رواية لتشارلز ديكنز وحوّلها إلى فيلم كوميدي من كتابته وإخراجه بعنوان  التاريخ الشخصي لديفيد كوبرفيلد وتم عرضه في دور السينما في وقتٍ سابق من هذا العام. أدّى ديف باتيل دور البطولة في الفيلم الذي تمّ تصويره في مواقع عدة من إنجلترا حيث ظهرت أجمل المناظر الطبيعية وأروع المباني في البلاد. كما تم نشر الرواية الملحمية لأول مرة عام 1850، وتمحورت حول العزم والمثابرة حيث اعتُبرت من أشهر روايات السيرة الذاتية للمؤلف التي أرّخت حياة ديفيد كوبرفيلد الذي تحوّل من يتيم فقير إلى كاتب مشهور وناجح.

مواقع تصوير الفيلم

يضم الفيلم كوكبة من النجوم البريطانيين من أمثال بيتر كابالدي وبن ويشاو ومورفيد كلارك وهيو لوري وتيلدا سوينتون وجويندولين كريستي. إذا كنت تحلم بالسير على خطى النجوم، يمكنك أن تكتشف مواقع التصوير الأخرى في شرق وجنوب شرق إنجلترا أو الأماكن التي ألهمت ديكنز في ذكرى مرور 150 عاماً على وفاته.

بوري سانت إدموندز

Filming The Personal History of David Copperfield in Bury St Edmunds, starring Dev Patel in the title role.

شكّلت بلدة بوري سانت إدموندز في سوفولك خلفية رائعة في العديد من مَشاهِد فيلم التاريخ الشخصي لديفيد كوبرفيلد، بما في ذلك شارع أنجل هيل وفندق أنجل. تزيّن لوحة زرقاء مدخل هذا الفندق لإحياء ذكرى زيارات ديكنز إلى البلدة حيث أقام لأول مرة في العام 1835، ويمكن العثور على اقتباسات الكاتب على المرايا والأعمال الفنية في جميع أنحاء المبنى الجورجي.

 

كما تظهر قاعة الفعاليات في فندق أثنيوم وميدان تشيكرز في الفيلم الجديد. قرأ ديكنز رواياته أمام الحشود ومنها إحدى قصص ديفيد كوبرفيلد في مبنى مبهر مصنّف من الفئة الأولى تم بناؤه بهدف الترفيه خلال العصر الفيكتوري. كما تم تصوير مشاهد من الفيلم أيضاً في المسرح الملكي الذي يعدّ آخر مسرح فتح أبوابه خلال عصر الوصاية على العرش في إنجلترا وقد صمّمه المهندس المعماري الشهير وليام ويلكنز.

غالباً ما كان ديكنز يزور البلدة التي ما زالت تضمّ الميثاق الأعظم وتشتهر بأسطورة القديس إدموند والذئب. علاوةً على ذلك، تُعدّ هذه المنطقة موطناً لعدد من المعالم التاريخية بما فيها كاتدرائية القديس إدموندز بوري التي شكّلت صرحاً للعبادة والحج لأكثر من 1000 عام بالإضافة إلى أنقاض كنيسة القديس إدموند في حدائق آبي المذهلة. شكّلت هذه الوجهة أحد أكبر أديرة الرهبنة البينديكتية وأكثرها نفوذاً في إنجلترا، ويمكن مشاهدة الأنقاض من خلال عبور بوابة آبي أثناء التوجّه من الضريح إلى كنيسة القديس إدموند التي تعدّ موقعاً للحج زاره العديد من أفراد العائلة المالكة!

1
Bury St Edmunds

بلدة كينغز لين

تم اختيار سوق نورفولك في بلدة كينغز لين وواجهتها البحرية الخلابة المطلة على نهر أوز العظيم موقعاً للتصوير. كما جرى التصوير في ميناء بورفليت التاريخي ومبنى دائرة الجمارك الذي يعود إلى القرن السابع عشر ويمتاز بعمارته المذهلة من تصميم هنري بيل وقد تم بناؤه لأغراض التبادل التجاري. كانت البلدة أحد أبرز الموانئ في البلاد في القرن الثاني عشر وتكتنف حالياً مجموعة من المباني التاريخية التي تتغنّى بتاريخ يربو على 900 عام من الملاحة البحرية، بدءاً من الكنائس ودور البلديات العائدة إلى القرون الوسطى وصولاً إلى المنازل الفاخرة والساحات السرية والممرات المخفية.

2
King’s Lynn

ويبورن

Sunset at high tide behind the old beach huts at Wells-next-the-sea on the North Norfolk coast.

شكّل الشاطئ الفسيح بالقرب من بلدة ويبورن الساحلية خلفية رائعة للتصوير ويقع في قلب منطقة ساحل نورفولك التي حباها الخالق بجمالٍ طبيعي أخاذ. إذا كنت تريد اكتشاف المواقع في فيلم ديفيد كوبرفيلد على طول الشواطئ أو المنحدرات السحيقة لتأمل الأكواخ الصوانية الجميلة وسكك الحديد التراثية في البلدة ومجموعة من الحيوانات البرية في محمية بلاكيني الوطنية الطبيعية، فإنّ جميع هذه المواقع لا تبعد سوى مسافة قصيرة غرباً على الساحل. يُعدّ هذا الساحل الرائع موطناً لأكبر مستعمرة من الفقمات الرمادية في إنجلترا ويزخر بالكثبان الرملية والألسنة البحرية الحصوية والمستنقعات الملحية ووفرة من النباتات.

3
Weybourne

هال

تم تصوير مشاهد من فيلم التاريخ الشخصي لديفيد كوبرفيلد في الشوارع المرصوفة بالحصى في مدينة هول القديمة على ضفاف نهر هامبر شرق يوركشاير. ستسافر إلى الأزمان الغابرة وسط المباني التاريخية والأزقة وأروقة هيبوورث الفيكتورية. كما يروي متحف كورتر ماضي المنطقة الآسر ويتباهى بعمارة تجسد تاريخها العريق.

4
Hull

اكتشف المزيد عن إنجلترا من خلال أعمال ديكنز

كان لديكنز أيضاً روابط تجمعه بعدد من المواقع في لندن وكينت بما أنه زار العديد منها خلال رحلاته. ستكتشف مجموعة رائعة من المباني التي اشتهرت بها تلك الفترة في جميع الأنحاء بالإضافة إلى أماكن أخرى ترتبط ارتباطاً وثيقاً بعالم الأدب...

برودستيرز

ألّف ديكنز رواية ديفيد كوبرفيلد في قصر فورت هاوس الذي يُعرف حالياً باسم بليك هاوس في برودستيرز بما أنه قضى العديد من عطلاته في البلدة الساحلية على جزيرة ثانت. بعد زيارته الأولى للبلدة في العام 1837، كتب فيها أجزاء من كتب ملاحظات أميركية والرجل المسكون، قبل أن يخلّد البلدة في قصته القصيرة آور إنجليش ووترينغ هول في أغسطس 1852.

لن يُقام مهرجان برودستيرز ديكنز هذا العام ولكن يمكنك دائماً الاستمتاع بقراءة روايات الكاتب والسير على خطاه من خلال معرفة المزيد عن المهرجان. انطلق المهرجان عام 1937 عندما قرّرت غلاديس ووترر التي كانت تقيم آنذاك في ديكنز هاوس أن تكرّم الذكرى المئوية لزيارة الكاتب الأولى إلى البلدة، فاستوحت فكرة المهرجان من كتاب ديفيد كوبرفيلد. يرتدي الناس خلال المهرجان السنوي ملابس من العصر الفيكتوري لمحاكاة القصة، بيد أنه توقف في أعقاب الحرب العالمية الثانية ليعود إلى سابق عهده في وقتٍ لاحق.

5
Broadstairs Dickens Festival

متحف ديكنز هاوس

Dickens House Museum, Broadstairs, Kent, England.

يقع متحف ديكنز هاوس في الكوخ الذي استمد منه الإلهام لشخصية بيتسي تروتوود في قصة ديفيد كوبرفيلد، ويحتفي بالروابط الوثيقة التي جمعت الكاتب ببرودستيرز عبر مجموعة من الرسائل والمطبوعات والأزياء وغيرها من الأغراض الشخصية. يطلّ مبنى المتحف الواقع في فيكتوريا باراد على خليج فايكنغ ويضم صندوق الكتابة الخاص بالمؤلف ومجموعة من المطبوعات الرائعة لأحد الرسامين الرئيسيين الذين تعاملوا مع ديكنز وهو هابلوت نايت براون. هذا وكانت مالكة المبنى السابق ماري بيرسون سترونج مصدر إلهام للعبارة الشهيرة في قصة ديفيد كوبرفيلد: "جانيت! الحمير!". إذا كنت من محبي ديكنز ويهمك أن تكتشف المزيد عن برودستيرز، يمكنك أن تشارك في جولة اكتشافٍ رقمية للاطلاع أكثر على المناطق التي استوحى منها الكاتب إبداعاته.

6
Dickens House Museum

شارع دوتي 48، لندن

استقرّ ديكنز وزوجته كاثرين في كامدن قبل بضعة أشهر من اعتلاء الملكة فيكتوريا العرش عام 1837. كتب روايات أوليفر تويست ونيكولاس نيكلبي ومذكرات بيكويك في منزله الذي ما زال يحافظ على طابعه الفيكتوري مثل متحف تشارلز ديكنز. تستحضر غرف النوم الخاصة ومسكن الخادم ومكتب المؤلف في منزل عائلته أسلوب الحياة في إنجلترا الفيكتورية وتزخر بالمقتنيات القيّمة على مثال طاولة الكتابة الخاصة بالمؤلف ورسائله ومخطوطاته وخاتم خطوبة كاثرين، ويمكنك أن تكتشف العديد منها خلال الجولة التفاعلية في المتحف.

7
48 Doughty Street

متحف مسقط رأس تشارلز ديكنز، بورتسموث

أصبح مسقط رأس ديكنز في بورتسموث على الطريق التجاري القديم متحفاً يحفل بالأثاث والتذكارات الأخرى التي تعرض أسلوب الحياة في إنجلترا خلال عصر الوصاية على العرش. وقد شهد المتحف قبل ثماني سنوات احتفالاً عظيماً لذكرى مرور 200 عام على ميلاد المؤلف وهو يحتضن أريكته ومحبرته وأغراضاً أخرى تستحضر مواهبه الفذّة. عاد ديكنز إلى المدينة الساحلية في وقت لاحق من حياته وأشار إليها مرات عدة في روايته حياة ومغامرات نيكولاس نيكلبي. ولم يكن ديكنز الروائي الشهير الوحيد الذي ذكر بورتسموث أو منطقة ساوث سي المجاورة في رواياته، إذ أوردها السير آرثر كونان دويل في رواياته أيضاً وهو من ألّف رواية شيرلوك هولمز فضلاً عن الكاتب الشهير روديارد كبلينغ وقد أمضى كلاهما بعض الوقت أيضاً في المنطقة.

8
Charles Dickens Birthplace Museum
10 Mar 2021(last updated)